صيدنايا- كلمة سريانية الأصل سيدانايا ومعناها (سيدتنا) أو صيد دنايا معناها ايضاً بنفس اللغة) أراضي أو أماكن للصيد.
يقع هذا البناء الفخم على رابية عالية جميلة. تشرف على قرية صيدنايا السورية، ويرجع عهد بناء هذا الدير إلى حوالي سنة لم 547 بعد المسيح.
قصة بناء الدير:
يروي المؤرخون أن الإمبراطور البيزنطي يوستنيانوس الأول لما خرج بجيوشه لمهاجمة الفرس، مر بطريقه عبر سوريا فوصل صحرائها حيث عسكر الجند مع خيولهم و معداتهم ولكن ما لبث أن فتك بهم العطش نظراً لقلة المياه في تلك البقاع.
وفيما هم على هذه الحالة المؤلمة إذا بأنظار الملك تقع على غزالة شهية للصيد فأخذ يطاردها بحماس شديد حتى أن التعب كاد أن ينهكها فوقفت على تلة صخرية ثم اتجهت صوب ينبوع ماء عذب متدفق رقراق .
وهناك لم تترك الغزالة للصياد أي فرصة ليسدد إليها سهامه، بل فجأة تحولت هيئتها إلى أيقونة للسيدة العذراء يشع منها نور عظيم.. وخرجت من الأيقونة يد بيضاء و امتدت عن بعد نحو الملك الصياد و قالت له: كلا لا تقتلني يا يوسنيانوس... ولكنك ستشيد لي كنيسة هنا على هذه الرابية... ثم غاب شبح الغزالة.
وبعد عودة الملك من رحلته قص على معاونيه ما شاهده في هذه الرحلة وأمرهم للحال بوضع تصميم للكنيسة المنوي إنشاؤها. ولما انقضت مدة ولم يتمكن المهندسون خلالها من الإجماع في الرأي على خريطة موفقة، عادلا العذراء- الغزالة ثانية و ظهرت ليوستنيانوس مرة ثانية في الحلم وأرشدته إلى تصميم فخم، ويقال إن هذا الرسم يمثل نفس الهندسة التي بني عليها هذا الدير الشريف الذي لا يزال لليوم محتفظاً بعظمته و جماله البيزنطي.
مكانة الدير الدينية:
يحتل الدير المركز الثاني في الأهمية بعد القدس الشرف من حيث كثرة الزوار للأماكن الدينية في الشرق وتزداد شهرته اتساعاً بما تجترحه السيدة العذراء من العجائب نحو الجميع من أي دين كانوا. وأن الزائرين الذين يؤمونه من كل أقطار العالم و في كل مناسبة إنما يقصدون التبرك بزيارة " شاغورة صيدنايا "، والانحناء أمامها بالاحترام، طلباً لنعم العذراء الطاهرة.
أيقونة الشاغورة:
يوجد في الدير أيقونة السيدة العذراء، وهي إحدى النسخ الأصلية للأيقونات الأربع التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير وتلقب بالسريانية " شاهورة أو شاغورة " ومعناها " المعروفة و الذائعة الصيت " وهي تحريف الكلمة العربية " الشهيرة أو المشهورة " كما يوجد فيه بضعة أيقونات فنية للعذراء أو غيرها يرجع عهد تاريخها للقرن الخامس و السادس والسابع بعد المسيح.
لقد دخلت هذه الأيقونة المقدسة إلى الدير بعد زمن طويل من بنائه و يروى أن راهباً حاجاً ربما كان يونانياً كان يقصد زيارة الأماكن المقدسة في أورشليم، فمر بسوريا و بات ليلته في دير صيدنايا. فكلفته رئيسة الدير بان يشترى لها من المدنية المقدسة أيقونة جميلة و نفيسة للعذراء مريم. فلما و صل الراهب إلى فلسطين نفذ إرادة الرئيسة. وبرجوعه اصطحب معه الأيقونة المطلوبة. و في طريق عودته فوجئ مع كل القافلة بهجوم وحوش ضارية ثم بلصوص قتلة، وكان إبان هذه الأخطار الهائلة يستنجد دوماً بحماية العذراء وهو يحمل أيقونتها العجائبية. فنجا من تلك الأهوال مع كل مرافقيه.
ولما وصل إلى الدير، اعتذر إلى الرئيسة زاعماً انه لم يتمكن من ابتياع الأيقونة المرغوبة... ولكنه عندما هم في الصباح بالسفر إلى بلاده، شر بأن قوة غير منظورة تحول دون خروجه من باب الدير. وبعد عدة محاولات فاشلة لم ير أبداً من تسليم الأيقونة إلى الرئيسة معترفاً لها بأنه كان مصمماً على الاحتفاظ بالصورة العجائبية التي كانت سبباً لنجاته من الموت المحتم. وهكذا بقيت تلك الأيقونة المقدسة في الدير منذ ذلك الزمن إلى يومنا هذا موضع تكريم وإجلال لدى الجميع .
النشاطات الأخرى:
إن الدير في ذاته مؤسسة رهبانية أرثوذكسية تابعة لمركز البطريركية الأنطاكية في دمشق
فيه نحو خمسين راهبة ترعاهن رئيسة. بالإضافة إلى مدرسة لليتامى البنات تضم اكثر من أربعين يتيمة ينفق على تربيتهن ورعايتهن من أموال المتبرعين
كما يوجد مدرسة ابتدائية تابعة للدير تتسع 125 طفل.
ويوجد أيضاً أراضي زراعية تابعة للدير يستخدمون قسم منها في الدير و الفائض يباع و يدفع منه أجرة للفلاحين الذين يعملون في هذه الأراضي.
و فيه مكتبة تضم المئات من الكتب و المخطوطات الثمينة