كلمة "أرثوذكس" مكونة أصلاً من مقطعين "أرثو = استقامة"، "ذكسا = مجد". أى أن معناها "الطريقة المستقيمة فى تمجيد الله".
ليس فقط من حيث استقامة التعليم، بل أيضاً من حيث استقامة التعليم، بل أيضاً من حيث استقامة الحياة والسلوك.
من
هنا ندرك ضرورة أن يربط التعليم الأرثوذكسى بين العقيدة والسلوك اليومى.
ولا تشعر - حينما تستمع إلى متحدث أرثوذكسى - أنه يتجاهل العقيدة ويكتفى
بالحديث الروحى، فالعقيدة هى ما انعقدت عليه الحياة. إذا تكلم الواعظ
الأرثوذكسى عن الله، أعطانا فكرة عن وحدانية الجوهر وتثليث الأقانيم.
فالكنيسة الأرثوذكسية ترى أنه "لا حياة بدون لاهوت، ولا لاهوت بدون حياة".
أى أنها ترفض أن يبقى اللاهوت مجرد أفكار ونظريات سليمة، منفصلة عن الحياة
والسلوك. وترفض أن يكون علم اللاهوت نشاطاً فكرياً محضاً،
لا
ينسحب على الحياة الداخلية: فتلتهب حباً فى الرب، والخارجية: فتسلك سلوكاً
أميناً، والحياة الكنسية: فيتحد الإنسان بالرب يسوع رأس الكنيسة،
وبأعضائها السمائيين، وبأخوته المؤمنين.
إذا
تحدث الواعظ الأرثوذكسى عن الفداء، لم يكتف بالإشارة إلى دم السيد المسيح،
بل أنه يشرح لاهوت الفداء، واشتراك الأقانيم فيه، ومسئولية المؤمن إزاءه.
وإذا تحدث عن التجسد، لا يكتفى بالتأمل الروحى فقط، بل يغوص مع القديس
أثناسيوس الرسولى، فى أبعاد التجسد الإلهى، ودوره فى خلاصنا وفدائنا،
وإمكانية اتحاد الله بنا.
لهذا قال القديس أثناسيوس: "لو لم يكن المسيح إلهاً، فكيف يمكن أن أصير ابناً لله؟".
وقال العلامة أوريجانوس: "اللاهوتى هو الإنسان الذى يعرف كيف يصلى".
وقال الآباء فى القديم: "اللاهوتى هو الشهيد"!!.
لهذا
تصدت الكنيسة لكل انحراف لاهوتى أو عقيدى، لا لمجرد التمسك بالتسليم
الرسولى القديم، ولكن لأن هذا الإيمان أساسا لحياتنا اليومية، وخلاصنا
الأبدى. وهكذا نفهم لماذا وقفت أمام آريوس، الذى انتقص من ألوهية الرب
يسوع، لأنه بذلك جعل الفادى محدوداً، والفداء ناقصاً، مما يجعلنا نخسر
بركات الفداء الإلهى غير المحدود، ونهلك! كما تصدت بعد ذلك لمقدونيوس،
الذى انتقص من ألوهية الروح القدس، الذى ينقل إلينا بركات الفداء. ثم تصدت
لنسطور الذى فصل بين اللاهوت والناسوت خشية أن تحرمنا هرطقته من سكنى الله
فينا... وهكذا .